فصل: الجنس الأول ما يتعلق بالعقيدة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة



.الباب الخامس في حساب مسائل الوصايا:

وتقدم الكلام على أحكامها بجزء شائع مسمى، ويمثل نصيب أحد الورثة، ويغير ذلك، والمقصود في هذا الباب بيان طريق الحساب في كيفية استخراج الجزء الموصي به في جميع ذلك من فريضة الموصي، فيخرج الجميع من عدد واحد،
وينحصر المقصود من ذلك في فصلين:
الفصل الأول: في الوصية بجزء مسمى واحدًا كان أو أكثر.
الفصل الثاني: في الوصية بمثل نصيب أحد الورثة مع الاستثناء أو الزيادة أو مع التكملة.

.الفصل الأول فإذا أوصى بجزء شائع مسمى:

كنصف أو ثلث أو ربع أو نحو ذلك، مفتوحًا كان أو أصم، كجزء من أحد عشر أو اثني عشر أو ثلاثة عشر أو ما زاد على ذلك أو نقص، وله ورثة، فللعمل طريقان.
الأول: أن نصحح فريضة الميراث بطريق تصحيحها، أحوجت إلى التصحيح أو صحت من أصلها، عالت أو لم تعل، ثم نجعل جزء الوصية من حيث تنقسم على أصحاب الوصايا فريضة برأسها، ونخرج الوصية وننظر إلى ما بقي من فريضة الوصية، فإن كانت تلك البقية تنقسم على فريضة الورثة فبها ونعمت، وإن لم تنقسم نظرنا بينها واعتبرنا إحداهما بالأخرى، فإن تباينتا ضربنا فريضة الميراث في فريضة الوصية، فما انتهى إليه الضرب فمنه يصح حساب الوصية والفريضة جميعًا، وإن توافقتا بجزء ضربنا ذلك الجزء من فريضة الميراث في فريضة الوصية، فما بلغ فمنه يصح الحساب.
الطريق الثاني: أن تنظر إلى مخرج جزء الوصية، ثم تزيد على سهام الفريضة جزء ما قبل مخرج الوصية أبدًا.
فإذا كانت الوصية بالثلث، زدت على الفريضة نصفها، وإن كانت بالربع زدت عليها ثلثها، وتزيد على الفريضة ربعها إن كانت الوصية بالخمس، وتزيد الخمس إن كانت بالسدس، وتزيد بالسدس إن كانت بالسبع، وكذلك الثمن والتسع والعشر وما زاد عليه، ويطرد ذلك في المفتوح والأصم. فلو كانت الوصية بجزء من أحد عشر زدت العشر، ولو كانت بجزء من اثني عشر، أعني بنصف السدس، زدت جزءًا من أحد عشر، ثم على هذا الحساب.
ولو كانت بالنصف لحملت على الفريضة مثلها، لأن الذي قبل مخرج الوصية واحد ومعلوم أن القسم على واحد كل، فيضاف على سهام الفريضة مثلها كلها، ولأن النصف هو أكبر الأجزاء وأول الكسور، ولم يكن قبله غير الواحد، فجعلنا سهام الفريضة بمنزلة الواحد، وزدنا عليها مثلها.
وعبر بعض الفرضيين عن هذا الطريق، بأن قال: إذا صححنا الفريضة والوصية، ثم أخرجنا جزء الوصية منها، ووجدنا البقية غير منقسمة على الفريضة، ونظرنا نسبة الجزء الذي أخرجناه من الوصية إلى بقيته، فما كان زدنا على الفريضة ما نسبته إليها تلك النسبة. مثال الطريقين: ترك أربعة بنين وأوصى بالثلث.
فعلى الطريق الأول، نقول الفريضة من أربعة، والوصية من ثلاثة، يخرج جزء الوصية وهو سهم، تبقى اثنان لا تنقسم على الأربعة، لكن توافقها بالنصف، فتضرب اثنين وفق فريضة الورثة في ثلاثة فريضة الوصية، تكون ستة، تخرج منها جزء الوصية اثنين، تبقى أربعة، تنقسم على الأربعة.
وأما الطريق الثاني: فعلى العبارة الأولى، نقول: يحمل على فريضة الورثة جزء ما قبل مخرج الوصية، وهو ها هنا النصف، فتصير ستة، نخرج جزء الوصية اثنين، تبقى أربعة، وهو هاهنا النصف، فتصير ستة، نخرج جزء الوصية أثنين، تبقى أربعة، على الأربعة.
وعلى العبارة الثانية: إذا اعتبرنا الجزء الذي أخرجناه من فريضة الوصية بالنسبة إلى بقيتها وجدناها نصف الباقي، فزدنا على الفريضة نصفها كما تقدم.
واعلم أنه قد يقع في الفريضة كسر، بسبب حمل الجزء على الفريضة، فإذا كان ذلك فاضرب المسألة والكسر في مخرج ذلك الكسر، فما انتهى إليه الضرب فمنه تصح بغير كسر.
مثال ذلك: إن أوصى بالسدس، والمسألة على حالها، فإذا أخرجنا جزء الوصية، وهو واحد، من مخرجها، وهو ستة، بقيت خمسة، لا تنقسم على الفريضة ولا توافق:
فعلى الطريق الأول، تضرب الأربعة في الستة، تكون أربعة وعشرين. وكذلك في الطريق الثانيِ، أيضًا تخرج من أربعة وعشرين، لكن بعد وجود الكسر فيها وضربها وضربه في مخرجه. وذلك أنا نقول، على العبارة الأولى: إذا أوصى بالسدس حملنا على الفريضة مثل خمسها وخمس الأربعة أربعة أخماس، فتنكسر السهام فتضرب الأربعة: والأربعة الأخماس في خمسة، تبلغ أربعة وعشرين.
وكذلك إذا نسبنا جزء الوصية إلى ما بقي من مخرجها وجدناها خمس البقية، فحملنا على الفريضة خمسها، انكسرت السهام أيضًا، فنضربها في الخمسة، كما تقدم. هذا وجه العمل في الوصية بجزء واحد.
فلو أوصى بجزأين ضربت مخرج أحدهما في مخرج الآخر، أو في وفق إن كان له، فما اجتمع من الضرب فهو مخرج الوصيتين جميعًا. فإذا أخرجت جزء الوصية منه ثم قسمت الباقي على الفريضة، فإن انقسم وإلا ضربت ما انتهى إليه الضرب في عدد سهام المسألة، أو في وفق، إن كان لها، فما بلغ فمنه يصح حساب الوصيتين والفريضة.
مثال ذلك: ترك ثلاثة بنين، وأوصى لرجل بالسدس والآخر بالسبع. فمخرج السدس ستة، ومخرج السبع سبعة، وليس بينهما وفق، فتضرب الستة في السبعة، تبلغ اثنين وأربعين، فتخرج جزء الوصية ثلاثة عشر فتبقى تسعة وعشرون، لا تنقسم على سهام الفريضة ولا توافقها، فتضرب الثالثة، سهام الفريضة، في الاثنين والأربعين، يكون ذلك مائة وستة وعشرين جزءًا، الوصية من ذلك تسعة وثلاثون، تبقى سبعة وثمانون لكل سهم تسعة وعشرون.
ولو كانت الوصية بأكثر من الثلث، فإن أجاز الورثة فالعمل كما تقدم، وإن لم يجز أحد منهم، فإن كانت الوصية لواحد أو للمساكين، فخذ مخرج الثلث، ثم اعمل على نحو ما تقدم.
وإن كانت الوصية لجماعة، فخذ مخرجًا تقوم منه وصاياهم، وخذ من ذلك المخرج جميع وصاياهم، فما اجتمع لك من ذلك فاجعله ثلث مال، فيكون منقسمًا على أهل الوصايا بالحصص، ثم اقسم الثلثين على الورثة إن انقسم، فإن لم ينقسم فانظر هل يوافق فريضتهم من حيث تنقسم بجزء أم لا؟ ثم اعمل على نحو ما تقدم.
مثاله: امرأة توفيت وتركت أمًا وزوجًا وأختًا لأب، وأوصت لرجل بالثلث ولآخر بالخمس، فلم يجز الورثة. فالفريضة من ستة، تعول بالثلث إلى ثمانية، ومخرج الثلث والخمس خمسة عشر، فخذ لصاحب الثلث خمسة، ولصاحب الخمس ثلاثة، فذلك ثمانية، فاجعلها ثلث مال، يكون منقسمًا بين أهل الوصايا بالحصص. والثلثان، ستة عشر، للورثة، منقسمة على ثمانية، فريضتهم لكل سهم سهمان، فللأم اثنان، في اثنين، بأربعة، وللزوج ثلاثة، في اثنين، بستة، وللأخت مثل ذلك.
هذا حكم اتفاقهم على الإجازة للجميع أو الرد، فإن اختلف الحال في ذلك فللاختلاف صور:
الصورة الأولى: إذا أجاز بعضهم لجميع أهل الوصايا ولم يجز باقيهم لأحد منهم، فالباب في ذلك أن تقسم المسألة على أن الكل قد أجازوا، وتعملها أيضًا على أن الكل قد ردوا، ثم توفق بينهما وتعمل على ما تقدم من الاستغناء بأكثرهما، أو ضرب إحداهما في كامل الأخرى أو وفقهما، إن كان، ثم اعط من أجازها ما يصيبه من مسألة الإجازة، واعط من رد ما يصيبه من مسألة الرد، فيكون الباقي للموصي لهما على قدر الوصيتين.
مثاله: ترك ابنين، وأوصى لرجل بالنصف، والآخر بالثلث، فأجاز أحد الابنين الوصيتين، ولم يجز الآخر لواحد منهما.
فمسألة الإجازة: من اثني عشر؛ للموصي له بالنصف ستة، وللموصي له بالثلث أربعة، ولكل ابن سهم.
ومسألة الرد: من خمسة عشر؛ الثلث خمسة للموصي لهما على خمسة أجزاء لصاحب النصف ثلاثة، ولصاحب الثلث سهمان، والثلثان للابنين، لكل ابن خمسة، والاثنا عشر توافق الخمسة عشر بالثلث. فتضرب ثلث إحداهما في كامل الأخرى، تكون ستين، من له شيء من اثني عشر مسألة الإجازة أخذه مضروبًا في خمسة وفق مسألة الرد، ومن له شيء من خمسة عشرة أخذه مضروبًا في وفق الاثني عشر وهو أربعة، فلابن الذي أجاز سهم من اثني عشر في خمسة، وذلك خمسة. وللذي لم يجز خمسة من خمسة عشر في أربعة، وذلك عشرون، وتبقى خمسة وثلاثون، للموصي لهما، على خمسة لصاحب النصف أحد وعشرون، ولصاحب الثلث أربعة عشر.
الصورة الثانية: إذا أجاز جميعهم لبعض أهل الوصايا دون بعض، فلمن أجازوا له وصيته بكمالها، ولمن لم يجيزوا له نصيبه من الحصاص في الثلث لو أنهم لم يجيزوا.
والطريق إلى تمييز نصيب كل موصي له: أن تأخذ مخرج الوصايا من حيث تقوم لو أنهم لم يجيزوا، وتأخذ أيضًا مخرج وصية من أجازوا له من حيث تقوم، فإن دخل أحد المخرجين في الآخر أجزأ أكثرهما، وإن لم يدخل أحدهما في الآخر فانظر الموافقة، فإن وافق أحدهما الآخر بجزء فاضرب جزء أحدهما في كامل الآخر فمنه تقوم وصاياهم، واعط لمن أجازوا له ما أوصي له به، ولمن لم يجيزوا له ما ينويه من الحصاص في الثلث، ثم اقسموا ما بقي على الورثة، فإن لم ينقسم ووافق فريضتهم بجزء فاضرب ذلك الجزء من الفريضة في المخرج، وإن لم يتفقا بجزء فاضرب كامل الفريضة في كامل المخرج، ثم اقسم على نحو ما تقدم.
مثاله: تركيب زوجًا وأختين شقيقتين، وأوصت بالنصف لزيد، وبالسدس لعمرو.
فأجاز جميع الورثة لصاحب السدس خاصة، فالفريضة من ستة تعول بالسدس إلى سبعة. ومخرج الوصية ستة؛ لصاحب النصف ثلاثة، ولصاحب السدس سهم، فذلك أربعة فاجعلها ثلث مال، لصاحب النصف من ذلك ثلاث أرباع الثلث، فيكون مخرج من لم يجيزوا له اثني عشر، ومخرج من أجازوا له ستة، وهي داخلة في أثنى عشر، فخذ اثني عشر واعط الذي أجازوا له السدس سهمين، وأعط صاحب النصف ثلاثة أرباع الثلث، ثلاثة التي تنويه في الحصاص؛ الباقي للورثة سبعة منقسمة عليهم.
مثال آخر: ترك أبويه، وأوصى لرجل بالنصف ولآخر بالربع، فأجازوا لصاحب النصف فقط.
فالفريضة من ثلاثة: للأم سهم، وللأب سهمان، ومخرج الوصية أربعة، لصاحب النصف سهمان ولصاحب الربع سهم، فذلك ثلاثة، فاجعلها ثلث مال لصاحب الربع، ثل الثلث سهم من تسعة، فهي مخرج من لم يجيزوا له، ومخرج صاحب النصف الذي أجازوا له اثنان، وهي غير داخلة في التسعة، ولا موافقة لها بجزء، فاضرب اثنين في تسعة تبلغ ثمانية عشر، فهي مخرج وصاياهم، لصاحب النصف سهم من اثنين في تسعة، ولصاحب الربع سهم من تسعة في اثنين، فذلك أحد عشر، الباقي للورثة سبعة عشر غير منقسمة ولا موافقة بجزء، فاضرب الفريضة ثلاثة في ثمانية عشر، تبلغ أربعة وخمسين، لصاحب النصف تسعة في ثلاثة بسبعة وعشرين، ولصاحب الربع اثنان في ثلاثة بستة، وللورثة سبعة في ثلاثة بأحد وعشرين، وللأم سهم في سبعة، وللأب اثنان في سبعة بأربعة عشر.
الصورة الثالثة: أن يجيز بعضهم لقوم، ويجيز غيرهم لآخري، فيلزم كل وارث لمن أجاز له ما أوصي له به، ويلزمه لمن لم يجز له ما ينوبه من الحصاص في الثلث، فخذ مخرج الوصايا من حيث تقوم لو أنهم لم يجيزوا، وخذ مخرج كل واحد لمن أجاز له على الانفراد، كأنه ليس ثم وارث غيره، ولا وصية إلا وصيته التي تلزمه، ثم انظر سهام كل وارث من الفريضة، فإن كان فيها ما يلزمه من الوصايا أغنتك سهامه عن مخرج الوصايا التي تلزمه، إن كان في سهامه بعضها أجزأتك سهامه عن مخرج ما فيها، وخذ له مخرج ما ليس فيها، ثم انظر ذلك المخرج، فإن وافق سهامه بجزء، فخذ ذلك الجزء من المخرج، فاجعله مخرج وصيته، وإن لم يوافقها بجزء، فخذ ذلك الجزء من المخرج، فاجعل مخرج وصيته، وإن لم يوافقها بجزء تركت المخرج على حاله، وإن لم يكن في سهامه شيء مما يلزمه من الوصايا، فخذ مخرج وصاياه من حيث تقوم، ثم انظر، فإن دخل أحد المخرجين في الآخر أجزأك أكثرهما، فإن لم يكن ذلك، فانظر، فإن وافق أحد المخرجين الآخر بجزء، فاضرب جزء أحدهما في كامل الآخر، فما اجتمع فهو مخرج وصاياه، وإن لم تتفق مخارج وصاياه بجزء ربت بعضها في بعض، فما بلغ فهو مخرج وصاياه ثم انظر، فإن وافق المخرج سهامه من فريضته بجزء فخذ ذلك الجزء من المخرج، فاجعله مخرج وصاياه، وإن لم يتفقا أبقيت المخرج بحاله، ثم اصنع في حق غيره من الورثة مثل ذلك، ثم انظر بعد هذا جميع ما حصل بيدك من مخرج الورثة أجمعين: هل تتماثل، أو يدخل بعضها في بعض، أو تتفق بجزء أم لا؟ واعمل على حساب ما تقدم من ضرب المخارج بعضها في بعض، فما اجتمع فهو مخرج الورثة كلهم، فاضرب الفريضة فيه، فما بلغ فاقسمه على الورثة، واعط لكل واحد من أهل الوصايا مما بيد كل وارث ما يلزمه له.
مثال ذلك: ترك أمًا وزوجة وأختًا شيقة وأختين لأم، الفريضة من اثني عشر تعول بالربع إلى خمسة عشر، وأوصى لرجل بالثلث ولآخر بالسدس. فأجازت الزوجة والشقيقة لصاحب الثلث، وأجازت الأم والأخوات للأم لصاحب السدس، والثلث والسدس ثلاثة من ستة، فاجعلها ثلث مال، فيكن مخرجهن لمن لم يجزن له تسعة، فسهام الزوجة والشقيقة تسعة، فألزمنهما لمن أجازتا له ثلث ما في أيديهما، ولصاحب السدس ثلث الثلث سهم من تسعة، فذلك في سهامها، فيستغني عن مخرج وصاياهما، وسهام الأم والأخوات للأم ستة، ويلزمهن لصاحب السدس سدس ما في أيديهن سهم، وذلك في سهامهن، يلزمهن لصاحب الثلث ثلثاه، اثنان من تسعة، فيكون مخرج وصاياه كلها تسعة فاضرب الفريضة خمسة عشر في تسعة، تبلغ مائة وخمسة وثلاثين. للزوجة والشقيقة تسعة في تسعة بأحد وثمانين، لصاحب الثلث من ذلك سبعة وعشرون، ولصاحب السدس ثلث الثلث تسعة، الباقي لهما خمسة وأربعون، منقسمة على ثلاثة، لأن سهامهما تتفق بالثلث، فيكون للزوجة سهم في خمسة عشر، وللشقيقة سهمان في خمسة عشر بثلاثين، وللأم والأخوات للأم ستة في تسعة بأربعة وخمسين لصاحب السدس من ذلك تسعة، ولصاحب الثلث ثلثاه اثنا عشر، الباقي لهن ثلاثة وثلاثون، وسهامهن تتفق بالنصف يكون لكل واحدة سهم، فثلاثة وثلاثون منقسمة عليهن لك واحدة أحد عشر واجتمع لصاحب الثلث تسعة وثلاثون، سبعة وعشرون من قبل الزوجة والشقيقة، واثنا عشر من قبل الأم والأخوات للأم. واجتمع لصاحب السدس ثمانية عشر، تسعة من كل فرقة، ولم تتفق سهامهم بجزء.
مثال ثان: تركت أختين لأب، وأختين لأم، وزوجًا، وأوصت بنصف مالها لشخص، ولآخر بالربع، فأجاز الزوج لصاحب الربع، وأجازت الأخوات لصاحب النصف، فالفريضة من ستة، للأخوات للأب الثلثان أربعة، وللأخوات للأم الثلث سهمان، ويعال للزوج بالنصف ثلاثة تبلغ تسعة، فخذ للنصف والربع ثلاثة من أربعة، فذلك ثلث مال يتحاص عليه أهل الوصايا، لصاحب النصف ثلثا الثلث، ولصاحب الربع ثلثه، فمخرج الزوج لمن أجاز له من أربعة، ولمن لم يجز له من تسعة، فأربعة لا تدخل في التسعة ولا توافقها، فاضرب إحداهما في الأخرى تبلغ ستة وثلاثين فهذا مخرج وصاياه، وسهامه ثلاثة تتفق بالثلث، فتأخذ ثلث المخرج اثني عشر، فيكون ذلك مخرجه.
وسهام الأخوات ستة، لها نصف صحيح لمن أجزن له، ومخرجهن لمن لم يجزن له من تسعة، وهي تتفق مع سهامهن بالثلث، فتأخذ ثلث المخرج ثلاثة، وهي داخلة في اثني عشر مخرج الزوج، فتضرب الفريضة بعولها تسعة في اثني عشر، تبلغ مائة وثمانية، للزوج ثلاثة في اثني عشر ستة وثلاثون، لصاحب الربع من ذلك تسعة ولصاحب النصف ثلثا الثلث ثمانية، الباقي له تسعة عشر، وللأخوات جمع ستة في اثني عشر باثنين وسبعين، للموصي له بالنصف من ذلك ستة وثلاثون، ولصاحب الربع ثلث الثلث ثمانية، الباقي لهن ثمانية وعشرون، موافقة لسهامهن بالنصف، فتضرب منتهى الفريضة مائة وثمانية في ثلاثة، تبلغ ثلاثمائة وأربعة وعشرين فتعطي كل قوم ما بأيديهم مضروبًا في ثلاثة، فيبدأ الموصى له بالنصف أربعة وأربعون، ثمانية من قبل الزوج وستة وثلاثون من قبل الأخوات، فيأخذ ذلك مضروبًا في ثلاثة، ويبدأ الموصي له بالربع سبعة عشر، تسعة من قبل الزوج، وثمانية من قبل الأخوات يأخذ ذلك مضروبًا في ثلاثة، للزوج تسعة عشر في ثلاثة، وللأخوات جمع ثمانية وعشرون في ثلاثة بأربع وثمانين، لكل واحدة من الأخوات للأب من ذلك اثنان في أربعة عشر بثمانية وعشرين، ولكل واحدة من الأخوات للأم سهم في أربعة عشر.
مثال ثالث: تركت ابنًا وبنتًا، وأوصت لشخص بالربع ولآخر بالثمن، فأجاز الابن لصاحب الثمن وأجازت البنت لصاحب الربع، فالفريضة من ثلاثة، والربع والثمن ثلاثة من ثمانية، فاجعل ذلك ثلث مال، يكن مخرج كل واحد لمن لم يجز له من تسعة؛ ومخرج الابن لمن أجاز له من ثمانية، وهي لا توافق التسعة، فاضرب ثمانية في تسعة تبلغ اثنين وسبعين، وسهامه اثنان تتفق بالإنصاف، فيكون مخرج وصاياه ستة وثلاثين؛ ومخرج وصية البنت لمن أجازت له من أربعة، وأربعة لا توافق التسعة، فاضرب أربعة في تسعة تبلغ ستة وثلاثين، فقد تماثل المخرجان، فاضرب الفريضة ثلاثة في أحدهما تبلغ مائة وثمانية: للابن من ذلك اثنان وسبعون، للموصي له بالثمن من ذلك تسعة وللموصي له بالربع ثلثا الثلث ستة عشر الباقي له سبعة وأربعون، وللبنت ستة وثلاثون وللموصي له بالربع من ذلك تسعة، وللموصي له بالربع ثلثا الثلث ستة عشر الباقي له سبعة وأربعون، وللبنت ستة وثلاثون وللموصي له بالربع من ذلك تسعة، وللموصي له بالثمن ثلث الثلث أربعة، الباقي لها ثلاثة وعشرون، فاجتمع بيد الموصي له بالربع خمسة وعشرون، تسعة من قبل البنت، وستة عشر من قبل الابن، واجتمع بيد الموصي له بالثمن ثلاثة عشر، تسعة من قبل الابن وأربعة من قبل البنت.
فعلى هذا المعنى فاعمل في هذا الجنس من الوصايا تخرج لك المسألة من عدد لا تخرج من أقل منه. وله طريق آخر أوضح من هذا إلا أنه قد تخرج المسألة فيه من عدم كثير ثم ترجع بالموافقة إلى مبلغ الطريق الأول.
ووجه العمل في هذا الطريق: أن تأخذ مخرج الإجازة ومخرج الرد، ثم تضرب أحدهما في كامل الآخر، أو في وفقه إن كان. ثم في أصل المسألة، ثم أقسم على الورثة، واعط كل موصي له من يد كل وارث ماله بيده.
بيان ذلك في المثال المتقدم: وأن مخرج الرد من تسعة ومخرج الإجازة من ثمانية فأحدهما في كامل الآخر اثنان وسبعون، ثم في ثلاثة أصل الفريضة، تبلغ مائتين وستة عشر، للابن من ذلك مائة وأربعة وأربعون تدفع منها للموصي له بالثمن ثمنها ثمانية عشر، ولصاحب الربع ثلثي ثلثها اثنين وثلاثين، وللبنت من ذلك اثنان وسبعون، تدفع منها للموصي له بالربع ربعها ثمانية عشر، وللموصي له بالثمن ثلثها ثمانية، فيحصل بيد صاحب الربع خمسون، من قبل الابن اثنان وثلاثون، ومن قبل البنت ثمانية، وتبقى بيد الابن أربعة وتسعون، وبيد البنت ستة وأربعون. فكل من بيده سهام من وارث أو صاحب وصية لها نصف صحيح، فيرجع كل من بيده شيء إلى نصفه، وترد الفريضة إلى نصفها مائة وثمانية كما في الطريق الأول.
الصورة الرابعة: إذا أجاز بعض الورثة لجميع أهل الوصايا، ورد بعضهم الجميع، واختلف أحوال باقيهم، فأجاز بعضهم لقوم مخصوصين، وأجاز غيرهم لآخرين. فمن لم يجز لزمه ثلث ما يصير له بين أهل الوصايا بالحصص، ومن أجاز للجميع لزمه جميع ما أجاز، ومن أجاز لقوم دون قوم لزمه لمن أجاز له ما أجاز له، ولمن لم يجز له ما ينوبه من الحصاص في الثلث.
ووجه العمل في ذلك ما تقدم في الصورة الثالثة من الطريقين المتقدمين.
فعلى الطريق الأول، تأخذ مخرج الوصايا من حيث تقوم لو أنهم لم يجيزوا، ومخرجهما لو أنهم أجازوا، وتأخذ أيضًا مخارج من أجاز لبعضهم دون بعض، وتكمل العمل على ما تقدم في الطريق الأول في اختلاف إجازة الورثة.
وعلى الطريق الثاني: تأخذ مخرج الوصايا من حيث تقوم لو أنهم أجازوا كلهم، ومخرجها لو لم يجيزوا، ثم تستغني بأكثرهما إن تداخلا، أو تضرب أحدهما في الآخر، أو في وفقه، إن كان، ثم تضرب الحاصل في الفريضة، ثم تقسم ما يبلغ على الورثة، وتأخذ لأهل الوصايا من يد كل واحد ما يلزمه، كما تقدم.
مثال ذلك: تركت بنتًا وأختًا وأمًا، وأوصت بالثلث لشخص وبالسدس لآخر، وأجازت البن جميع الوصية، وردت الأخت الجميع، وأجاز الزوج لصاحب الثلث خاصة، وأجازت الأم لصاحب السدس وحده.
فالفريضة من اثني عشر، للبنت الصنف ستة، وللزوج الربع ثلاثة، وللأم السدس سهمان، وللأخت ما بقي سهم.
فعلى الطريق الأول: نقول الثلث والسدس ثلاثة من ستة، فاجعلها ثلث مال، يكون مخرجهم أجمعين لمن لم يجيزوا له تسعة، فيلزم البنت لإجازتها للجميع ثلث ما بيدها وسدسه، وذلك في سهامها؛ ويلزم الأخت التي ردت الجميع الثلث ثلاثة من تسعة، لصاحب الثلث سهمان، ولصاحب السدس سهم؛ ويلزم الزوج لصاحب الثلث ثلث ما بيده، ولسهامه ثلث صحيح، ويلزمه لصاحب ثلث الثلث سهم من تسعة، لصاحب الثلث سهما، ولصاحب السدس سهم؛ ويلزم الزوج لصاحب الثلث ثلث ما بيده، ولسهامه ثلث صحيح، ويلزمه لصاحب ثلث الثلث سهم من تسعة، وسهامه ثلاثة توافق مخرجه بالثلث، فيكون مخرجه ثلاثة؛ ويلزم الأم لصاحب السدس سدس ما بيدها، فيكون مخرجها من ستة، ويلزمها لصاحب الثلث سهمان من تسعة، فستة توافق التسعة بالثلث، فتضرب ثلث أحدهما في كامل الآخر، تكن ثمانية عشر، وسهامها اثنان، فيتفقان بالنصف يكون مخرجها تسعة، ومخرج الأخت تسعة، ومخرج الزوج ثلاثة، فقد تماثل مخرجان ودخل الثالث فيهما، فتضرب الفريضة اثني عشر في تسعة أحد المخرجين، تبلغ مائة وثمانية: للبنت أربعة وخمسون، لصاحب الثلث منها ثمانية عشرة، ولصاحب السدس تسعة؛ وللأخت تسعة، لأنه الوصايا من ذلك ثلاثة، لصاحب الثلث سهمان، ولصاحب السدس سهم؛ وللزوج سبعة وعشرون، ولصاحب الثلث تسعة، ولصاحب السدس ثلث الثلث ثلاثة؛ وللأم ثمانية عشر، لصاحب السدس سدس ذلك ثلاثة، ولصاحب الثلث ثلثا ثلثه أربعة، فاجتمع لصاحب الثلث ثلاثة وثلاثون: من قبل البنت ثمانية عشر، ومن قبل الأخت سهمان، ومن قبل الزوج تسعة، ومن قبل الأم أربعة؛ واجتمع لصاحب السدس ستة عشر: من قبل البنت تسعة، ومن قبل الأخت سهم، ومن قبل الزوج ثلاثة، ومن قبل الأم ثلاثة أيضًا.
وعلى الطريق الثاني: تقول: مخرج الإجازة للجميع ستة، ومخرج الرد تسعة، ويتفقان بالثلث، فثلث أحدهما في كامل الآخر ثمانية عشر، في أصل الفريضة تبلغ مائتين وستة عشر، وذلك ضعف مبلغ الفريضة في الطريق الأول.
فيحض كل وارث وموصي له ضعف ما كان بيده أولاً، فيرد إلى نصفه، وترجع الفريضة إلى نصفها، فيلتقي الطريقان.
وإن شئت صححت كل واحد مكن مخرجي الإجازة والرد من حيث ينقسم على الورثة، ثم ضربت أحدهما في الآخر أو في وفقه، وإن كان، فما بلغ قسمته على الورثة، واستغنيت عن ضربه في الفريضة.
وبيان ذلك في المثال الحاضر: أن مخرج الإجازة يصح فيه من أربة وعشرين، ومخرج الرد يصح من ثمانية عشر، ويتفقان بالسدس، فسدس أحدهما في كامل الآخر يبلغ اثنين وسبعين، فإذا وزعتها على الورثة انكسر ما يلزم الأخت والأم للموصى لهما، وسهامهما ثلاثة، تضرب الاثنين والسبعين في ثلاثة، تبلغ مائتين وستة عشر، كما تقدم.

.الفصل الثاني: في بيان حساب الوصية بالنصيب وما يتبعه:

وقد تقدم الكلام على حكمها في الوصايا، وبينا فيها أن الموصي له يكون عوضًا عن صاحب النصيب على المشهور، وأحلنا بيان الحساب على هذا الكتاب، وقد تقدم حساب النصيب في الفصل الأول، لأنه إذا انفرد كان وصية بجزء مسمى، إذ لا فرق أن تقول: بمثل نصيب أحد ابني، وهم أربعة؛ أو يقول: بربع مالي.
وكذلك قوله: بمثل نصيب أحد الثلاثة، كقوله: بثلث مالي. وكذلك ما زاد على ذلك أو نقص.
وإنما المقصود في هذا الفصل بيان وجه العمل فيها إذا اقترن بها الاستثناء من جملة المال، أو من جزء من أجزائه، أو اقترنت بها الإضافة أو التكملة. ولنرسم في ذلك مسائل:
الأولى: إذا أوصى بمثل نصيب أحد بنيه، واستثنى منه جزءًا معينًا.
مثال ذلك: ترك ثلاثة بنين، وأوصى بمثل نصيب أحدهم إلى سبع ماله. فيدفع إليه ما كان يصيب أحد البنين قبل الوصية، وهو الثلث، فيبقى ثلثا المال، وذلك سهمان على ثلاثة، ولا تصح، ولا توافق، فتضرب ثلاثة في ثلاثة، تبلغ تسعة، ثم في سبعة مخرج الجزء المستثنى تبلغ ثلاثة وستين، يأخذ صاحب الوصية ثلث ذلك أحد وعشرين، ثم يسترد منه سبع المال، وهو تسعة، يبقى بيده اثنا عشر، وذلك جملة ما يصح ويبقى أحد وخمسون، ولكل ابن سبعة عشر.
المسألة الثانية: والمثال بحاله: أوصى بمثل نصيب أحد الثلاثة، وسبع ماله. فالعمل واحد، حتى إذا أعطينا الموصي له أحدًا وعشرين الثلث، زدناه عليه سبع المال تسعة، فكمل له ثلاثون، وذلك مبلغ وصيته، وتبقى ثلاثة وثلاثون، لكل ابن أحد عشر.
المسألة الثالثة: إذا أوصى بمثل نصيب أحد بنيه، وبثلث ما يبقى من الثلث، أو بربعه، أو بغير ذلك من أجزائه جزء غيره، أو من جملة المال؛ ويشترط في صحة هذه المسألة وما بعدها أن يكون النصيب أقبل من الجزء المستثنى منه، ثلثا أو غيره، فلو كان النصيب مساويًا للجزء أو أكثر منه استحالت المسألة.
بيان ذلك: لو ترك ثلاثة بنين وأوصى بمثل نصيب أحدهم، وثلث ما يبقى من لثلث، لم يصح، إذ النصيب مساو للثلث، فلا يبقى مننه شيء. وكذلك لو كانا ابنين، إذ النصيب أكثر من الثلث.
فأما لو كان البنون أربعة أو أكثر، أو كانت الوصية في الثلاثة بما يبقى من النصف،
ثم العمل كما تقدم، فتأخذ مخرج الربع، إذا كانوا أربعة، فتضربه في مخرج ثلث الثلث تسعة، يكون ستة وثلاثين، النصيب منها تسعة، والثلث أثنا عشر، تبقى منه ثلاثة ثلثها واحد يضاف على النصيب، فتصير عشرة، وتبقى ستة وعشرون، لا تصح على أربعة، لكن توافق بالنصف، فتضرب الوفق أثنين في الستة والثلاثين، تبلغ أثنين وسبعين: لصاحب الوصية عشرة في اثنين بعشرين، تبقى اثنان وخمسون، لكل ابن ثلاثة عشر.
المسألة الرابعة: إذا أوصى بمثل نصيب أحد بنيه إلا ثلث ما يبقى من الثلث، فالطريق كما تقدم. حتى إذا أخذ الموصي له، في المثال السابق، التسعة رد منها سهمًا، وهو ثلث ما يبقى من الثلث، فيفضل بيده ثمانية، وهي مبلغ وصيته، ويبقى للبنين ثمانية وعشرون، لكل ابن سبعة.
المسألة الخامسة في الوصية بالتكملة. وصورتها: أن يوصي بمثل نصيب أحد بنيه وبتكملة الثلث أو غيره من الأجزاء المفتوحة أو الضم، فالزيادة التي يزيدها على نصيب المثل حتى يكمل ما ذكر من الأجزاء هي التكملة، وعنها يقع السؤال.
وبيان العمل في المثال المتقدم: أن تضرب الأربعة سهام الفريضة ومخرج الربع في ثلاثة، لذكره الثلث، تبلغ اثني عشر، فالنصيب ثلاثة، وبقية الثلث سهم، إذ هو أربعة، فيأخذه الموصى له بالتكملة وتبقى ثمانية للبنين، لكل ابن سهمان.

.الباب السادس: في حساب المناسخات وقسمة التركات:

وفيه فصلان:

.الفصل الأول في حساب المناسخات:

ومعناها: أن يموت موروث، ثم يموت بعض ورثته قبل قسمة تركته، وقد يتأخر قسمها إلى أن يجتمع عدد كثير، بأن يموت الوارث ووارثه إلى عدد كثير قبل القسم، فإذا وقع ذلك فعمل الحساب فريضة كل ميت مفردًا فقد أصاب في المعنى، وإن أخطأ عند الفرضيين، لأن بقاء التركة حتى حصلت فيها مناسخات يجعل المواريث كالوراثة الواحدة؛ ومطلوب الفرضيين تصحيح مسألة الميت الأول من عدد ينقسم نصيب كل ميت بعده منه على مسألته. والطريق إلى ذلك أن تنظر:
فإن كان ورثة الثاني والثالث والرابع مثلاً هم ورثة واحدة، ويرثون بمعنى واحد، فالأمر سهل، وإنما يجعل الكل كالتركة الواحدة يرثها من بقيس.
مثال ذلك: ثلاثة إخوة أشقاء، وأربع أخوات شقائق، مات أحد الإخوة، ثم آخر، ثم أخت، ثم أخت ثم أخت.
فوجه العمل في هذا: أن تقسم التركة كلها على ثلاثة، للذكر سهمان، وللأنثى سهم.
فإن كان ورثة الثاني غير ورثة الأول، أو يرثونه بوجه غير ما يرثون به الأول، فصحح مسألة الميت الأول، ثم أعر نصيب الميت الثاني منها، ثم صحح المسألة الثانية، ثم اقسم نصيبه من مسألة الميت الأول على مسألته، فإن انقسم عليها فقد صحت المسألتان جميعًا مما صحت منه المسألة الأولى.
مثاله: ابن وبنت. المسألة من ثلاثة: للابن سهمان، مات عنهما، وخلف أخته وعاصبًا، فمسألته من اثنين، ونصيبه سهمان.
وإن لم ينقسم نصيبه من الأولى على مسألته، فانظر فإن لم يكن بين نصيبه وبين مسألته موافقة ضربت ما صحت منه مسألته فيما صحت منه المسألة الأولى، فما بلغ فمنه تصح المسألتان.
مثاله: ابنان وبنتان. المسألة من ستة؛ ما أحد الابنين، وخلف ابنًا وبنتًا، فمسألته من ثلاثة، ونصيبه من المسألة الأولى سهما، لا ينقسم على مسألته ولا يوافق، فتضرب مسألته في المسألة الأولى، تبلغ ثمانية عشر، فمنها تصح المسألتان. فمن كان له شيء من المسألة الثانية أخذ مضروبًا فيما مات عنه الميت الثاني وهو سهمان. وإن كانت بين نصب الميت الثاني وبين ما صحت منه مسألته موافقة، فخذ الوفق من مسألته لا من نصيبه، واضرب في المسألة الأولى. وتصح القسمة من المبلغ في المسألتين.
مثاله: ابنان وبنتان، مات أحد الابنين وخلف امرأة وبنتًا وثلاثة بني ابن.
المسألة الأول من ستة، ونصيب الميت الثاني منها سهمان. ومسألته من ثمانية، لا يصح نصيب عليها، لكن يوافقها بالنصف، فاضرب نصف مسألته في المسألة الأولى، أربعة في ستة تبلغ أربعة وعشرين، منها تصح المسألتان، من له شيء من المسألة الأولى أخذه مضروبًا في نصف المسألة الثانية ومن له شيء من المسألة الثانية أخذه مضروبًا في نصف ما مات عنه موروثه، وذلك واحد. فإن كان في المسألة الثانية أخذه مضروبًا في نصف ما مات عنه موروثه، وذلك واحد. فإن كان في المسألة ميت ثالث فصحح مسألته مفردًا، ثم خذ نصيبه مما صحت من المسألتان الأوليان، وانظر فإن انقسم نصيبه على مسألته فقد صحت المسائل الثلاث مما صحت منه المسألتان الأوليان، فإن لم ينقسم نصيبه على مسألته، فانظر فإن لم تكن بينهما موافقة فاضرب ما صحت منه مسألته فيما صحت منه المسألتان الأوليان، وإن كان بينهما موافقة فاضرب وفق مسألته، لا وفق حصته، فيما صحت منه المسألتان الأوليان، فما بلغ فمنه تصح المسائل الثلاث.
وهذا طريق العمل ولو كان في المسألة ميت رابع وخامس وأكثر، فصحح مسألة كل واحد منهم على الانفراد، وتأخذ نصيبه من مسائل المتوفين قبله، كما تقدم.
وإن أردت معرفة حصة كل واحد من أصحاب الفرائض فاضرب سهام كل واحد من أصحاب الفريضة الأولى فيما ضربتها فيه من الفرائض التي بعدها، أو من أوفاقها، واضرب سهام كل واحد من أصحاب الفريضة الثانية في نصيب موروثه من الفريضة الأولى مضروبًا في الثالث أو في وفقها، ثم في ما بعدها أو في وفقه، فما بلغ فاضربه في مسائل المتوفين بعده مسألة بعد مسألة، أو في وفقها إن كان في جملتها ما وافقت السهام فيه المسألة، فما بلغ فهو نصيبه.
وهكذا تفعل لو كانت رابعة وخامسة وأكثر من ذلك، وتجريها على هذا المعنى إلى آخر الفرائض، إلا أن تنقسم سهام بعضهم على مسألته، فلا تضرب فيها، اعط كل وارث سهامه منها تجمعها له مع ما يجتمع له من الضرب فيما سواها، ثم إذا علفت ما نصيب كل وارث فاجمع سهامه من كل فريضة، ثم انظر، فإن كان من أصاب كل وارث منهم يتفق بجزء واحد، مثل نصف أو ثلث أو أقل، فأعط كل وارث جزء ما أصابه، واجعل الفريضة من جزئها ذلك؛ وإن لم يتفق ذلك بجزء تركت السهام على حالها، وقسمتها بينهم على ما بلغت، فإذا أردت أن تعلم صحة ما عملت، فاجمع ما أصاب كل وارث، فإن اجتمع لك الذي صحت منه الفريضة فقد أصبت، وإن خالف فالعمل غير صحيح.
قاعدة:
ولنختم الفصل بذكر فريضة عملها أبو الحسن الطرابلسي، ذكر أنها نزلت ببلده.
والمقصود بذكرها إيضاح عمل المناسخات على التفصيل والترتيب، فيستفيد الناظر فيها التدرب في ذلك، لتكرر العمل فيها.
وهي: رجل توفى وترك زوجته وابنين منها، وابنًا وبنتًا من غيرها، ثم توفى الابن شقيق البنت وترك أخته شقيقته، وأخويه لأبيه. ثم توفي أحد الابنين الشقيقين وترك أخاه شقيقه وأمه زوجة الأول وأخوين لأم، ثم توفي الثاني من الابنين الشقيقين وترك أمه زوجة الأول وأخته لأبيه أخت الميت الثاني وأخوين لأم، وأوصى بالثلث للمساكين، ثم توفيت زوجة الأول أم الثالث والرابع، وتركت ابنين وهما الإخوة للأم.
ففريضة الأول من ثمانية: لزوجته سهم، وللبنت سهم، ولكل ابن سهمان.
ثم توفي الابن، وهو الميت الثاني، عن سهمين. وفريضته اثنان، تنقسم من أربعة، لأخته شقيقته سهمان، ولكل أخ لأبيه سهم، فسهامه توافق فريضته بالنصف، فاضرب فريضة الأول ثمانية في اثنين نصف الثاني أن تكون ستة عشر، فمن كان له شيء من ثمانية أخذه مضروبًا في اثنين، نصفه الثانية، ومن كان له شيء من الثانية أخذه مضروبًا في واحد نصف تركة الثاني، فلزوجة الأول من فريضته سهم في اثنين نصف الثانية، وليس لها من الثانية شيء، لأنه ليس بابن لها، ولبنت الأول من الفريضة الأولى سهم في اثنين ولها من الثانية بأنها أخت شقيقة ليس بابن لها، ولبنت الأول من الفريضة الأولى سهم في اثنين ولها من الثانية بأنها أخت شقيقة النصف اثنان في واحد، فذلك أربعة، ولكل ابن للميت الأول الأشقاء من الفريضة الأولى اثنان في اثنين بأربعة، وله من الثانية سهم، لأنخ أخ للأب فذلك خمسة، ثم توفى أحد الابنين الأشقاء عن خمسة أسهم، وهو الميت الثالث، وترك أمه زوجة الأول وأخاه شقيقه وأخوين لأم.
ففريضتهم ستة: لأمه السدس، وكذلك لكل أخ لأم، وللأخ الشقيق ما بقي ثلاثة، فسهامه لا تنقسم على فريضته، ولا توافقهما بجزء، فاضرب ستة عشر، ما اجتمع من الفريضتين الأوليين، في ستة، فريضة الثالث، تبلغ ستة وتسعين، ثم تبتدئ القسم، فتقول: لزوجة الأول من فريضة سهم في اثنين، نصف الثانية ثم في ستة، الفريضة الثالثة، تكون اثني عشر، وليس لها من الثانية شيء، ولها من الثالثة، لأنها أم، السدس سهم، في خمسة تركة الثالث فذلك سبعة عشر؛ ولبنت الأول سهم في فريضته في اثنين، ثم في ستة، ولها من الثانية اثنان، في ستة فريضة الثالث، فجمع ذلك أربعة وعشرون، وليس لها من الثالثة شيء لأنها محجوبة بالأخ الشقيق؛ ولابن الميت الأول الباقي سهمان من الفريضة الأولى، في سهمين نصف الثانية، ثم في ستة الفريضة الثالثة، وله من الثانية، بأنه أخ لأب، سهم، في ستة أيضًا، ولو من الثالثة ثلاثة، في خمسة تركة الثالث، فجميع ذلك خمسة وأربعون. ولكل أخ لأم من الثالثة سهم في خمسة. ثم توفي الابن الباقي من ولد الميت الأول، وهو الميت الرابع عن خمسة وأربعين سهمًا، وترك أمه زوجة الأول، وأخته لأبيه بنت الأول، وأخوين لأم، وأوصى بالثلث للمساكين.
ففريضته: ستة، واحمل عليها مثل نصفها ثلاثة للموصي لهم تكن تسعة، فسهامه خمسة وأربعون منقسمة عليها، لكل سهم خمسة: للمساكين ثلاثة في خمسة بخمسة عشر، ولأمه سهم في خمسة، وبيدها سبعة عشر، فذلك اثنان وعشرون، ولأخته لأبيه ثلاثة في خمسة بخمسة عشر، وبيدها أربعة وعشرون، اثنا عشر عن أبيها، ومثل ذلك عن أخيها شقيقها، فذلك تسعة وثلاثون، ولكل أخ لأم سهم في خمسة، وبيده خمسة عن أخيه الميت الثالث، فذلك عشرة، فجميع ذلك ستة وتسعون.
ثم توفيت زوجة الأول، وهي الميت الخامس عن اثنين وعشرين سهمًا، وتركت ابنين، وهما الإخوة للأم، فسهامهما منقسمة عليهم لكل واحد أحد عشر، وبيده عشرة، فذلك أحد وعشرون، وقد اتفقت سهامهم أجمع بالثلث، فرد الفريضة إلى ثلثها اثنين وثلاثين، ورد كل واحد إلى ثلث ما بيده، فللمساكين خمسة، ولبنت الأول ثلاثة عشر، ولكل أخ لام سبعة.

.الفصل الثاني: في قسمة التركات:

وإذا كانت التركة مقدرة بكيل أو زن، فالطريق في قسمتها: أن تنظر عدد الفريضة من حيث تنقسم وعدد التركة، فالتركة هي الأصل المضروب فيه، والفريضة هي الأصل المقسوم عليه،إلا أن تتفق الفريضة والتركة بجزء، فتجعل جزء كل واحدة مقامها، وتضرب لكل وارث أو موصي له بجملة سهامه في المضروب، وتقسم على المقسوم عليه، فما خرج من القسم فهو نصيب الذي ضرب له.
مثال الأول أن يترك أمًا، وأختين لأم، وأختين لأب، ويترك خمسة عشر دينارًا.
فالفريضة ستة، تعول بسدسها إلى سبعة: للأم سهم، لكل أخت لأب سهمان، ولكل أخت لأم سهم، فذلك سبعة، وهي لا توافق التركة بجزء، فاضرب للأم بواحد في خمسة عشر، ثم اقسمها على سبعة جملة الفريضة، يخرج لها في القسم ديناران وسبع دينار، ولكل أخت لأم مثل ذلك، ولكل أخت لأب مثلاً ذلك.
ومثال الموافقة: أن يترك أبوين، وابنتين، ويوصي لرجل بثلث ماله، ويخلف أحدًا وعشرين دينارًا، فالفريضة ستة: للأبوين سهمان لكل واحد سهم، ولكل بنت سهمان، فاحمل على الفريضة للموصى له بالثلث مثل نصفها ثلاثة تبلغ تسعة، وهي توافق التركة بالثلث، فيكون المضروب فيه سبعة ثلث التركة، والمقسوم عليه ثلاثة ثلث الفريضة والوصية، فاضرب للموصى له بسهامه من أصل الفريضة ثلاثة في سبعة، تكن أحدًا وعشرين، فاقسمها على ثلاثة ثلث الفريضة، يخرج من القسم سبعة، فهي نصيب الموصى له، واضرب للأب بواحد في سبعة، واقسم على ثلاثة، يخرج له من القسم ديناران وثلث، وللأم مثل ذلك، واضرب لكل بنت باثنين في سبعة، تكن أربعة عشر، واقسمها على ثلاثة يخرج لها في القسم أربعة دنانير وثلثا دينار.
هذا إذا كان عدد التركة صحيحًا، ليس فيه كسر، فإن كان مع الأعداد كسر، فابسط العدد كل من جنس التركة، وذلك بأن تضرب الصحيح في مخرج ذلك الكسر، وتزيد عليه الكسر فما بلغ فكأنه كله صحاح، فاعمل في قسمته ما تقدم، فما خرج لكل واحد من القسمة والضرب فاقسمه على مخرج ذلك الكسر الذي جعلت الكل من جنسه فما خرج فهو نصيبه.
مثاله: إن التركة كانت أربعة وعشرين دينارًا ونصفًا، وترك أمًا وأختين لأم وأختين لأب، فتضرب الأربعة والعشرين في اثنين، مخرج النصف، تبلغ ثمانية وأربعين، وتزيد عليها النصف فتكون تسعة وأربعين فتعد ذلك، مبلغ التركة، تضرب فيه للأم بسهم ثم تقسم على سبعة تخرج لها سبعة. وكذلك لكل أخت لأم، ويخرج لكل أخت لأب أربعة عشر، فإذا قسمت ما بيد كل واحد على اثنين، مخرج النصف، حصل معه نصف ما بيده، وجملة ذلك أربعة وعشرون ونصف، ولو قسمت جملة التركة على جملة السهام كان الخارج حصة كل سهم من جملة سهام الفريضة، فإذا ضربت عدد سهام وارث في الخارج كان مبلغ الضرب حصته من جملة التركة، وذلك بين في المثال الحاضر.
وقد ذكر بعض الفرضيين طريقًا من النسبة فيستغنى بها عن الضرب والقسمة، وهي أن تنسب سهام الفريضة من عدد التركة، فما كانت نسبتها فهي نسبة سهام كل وارث من نصيبه من جملة التركة.
بيان ذلك في المثال الحاضر: أن نسبة السبعة إلى التسعة والأربعين، نسبة السبع، وللأم سهم فهو سبع نصيبها، فنصيبها إذن سبعة كما تقدم. وكذلك تعمل في سائر الورثة. هذا حكم التركة إذا كانت مقدرة.
فإن كانت غير مقدرة فما ذكرنا جار في قسمة قيمتها. وكذلك إن اشتملت على مقدر وغير مقدر، كعين وعرض، أجريت الطريق المتقدمة في عدد العين وقيم العرض.
فإن قيل: لو اشتملت التركة على عرض وعين، فأخذ بعض الورثة ذلك العرض بحصته أو ببعضها، بأن أخذ معه بعض العين أو بأكثر من حصته، بأن دفع من يده شيئا من حصته، في مقابل العرض فكيف يعرف ثمن ذلك العرض؟.
قلنا أما المسألة لأولى: وهي إذا أخذه بحصته فالباب فيها أن تصحح سهام الفريضة، وتسقط منها سهام آخذ العرض، وتجعل القسم على الباقي، ثم تأخذ سهامه، فتضربها في الباقي من التركة بعد العرض، ثم تقسم ما خرج على باقي السهام بعد سهامه، فالخارج من القسم هو ثمن العرض.
ومثال ذلك: ترك ثلاث أخوات مفرقات، وأما، وكانت التركة ثلاثين دينارًا وثوبًا، فأخذت الأخت للأب الثوب بحقها من الميراث.
فالفريضة من ستة، للأخت للأب منها سهم، فإذا أسقطته بقيت خمسة، عليها يجب القسم، ثم تعود فتضرب ذلك السهم، أعني سهم الأخت للأب، في الثلاثين دينارًا التي هي التركة، وذلك ثلاثون، فتقسمها على الخمسة، فيخرج في القسم ستة، فهي ثمن الثوب.
وأما المسألة الثانية: ومثالها: أن يترك أبوين، وابنين، ويخلف أحدًا وعشرين دينارًا وخاتمًا. فيأخذ الأب بميراثه الخاتم ودينارًا معه.
فالباب في ذلك أن تسقط الزيادة أبدًا من جملة المال في هذا النوع، وهي في هذه المسألة دينار واحد، فتبقى عشرون دينارًا، ثم تسقط سهم الأب من سهام الفريضة، فتبقى خمسة أسهم، عليها يكون القسم، ثم تعود فتضرب سهم الأب في العشرين دينارًا، وذلك عشرون، فتقسمها على الخمسة، فتخرج في القسم أربعة دنانير، وذلك ثمن الخاتم مع لزيادة. فإذا نزعت الزيادة وهي دينار بقيت ثلاثة دنانير، وذلك ثمن الخاتم.
وأما المسألة الثالثة، ومثالها: أن يترك أبوين، وأربع بنات، وتكون تركته خمسين دينارًا ودارًا، فتأخذ الأم بميراثها الدار، وتزيد عشرة دنانير، فالباب فيها أن تسقط سهم الأم كما تقدم، فيبقى من الفريضة خمسة، عليها يكون القسم، ثم تزيد على الخمسين دينارًا عشرة، وهي التي دفعتها الأم، فتصير الجملة ستين، وذلك بالعكس من النوع الأول، لان في ذلك تنقص ما تزداد من جملة العين، وفي هذا النوع تزيد ما تدفعه على جملة العين، ثم تقسم الستين على خمسة الأسهم، فيخرج من القسم اثنا عشر دينارًا، وذلك حصة الأم من التركة، فإذا أردت أنتعرف كم ثمن الدار فزد العشرة، التي كانت الأم دفعتها، على الأنثى عشر، فتكون الجملة اثنين وعشرين دينارًا، فذلك ثمن الدار. وكذلك تعمل في كل ما يرد عليك من هذا النوع.
واعلم أن ما ذكرناه من طريق النسبة الجاري في القسمة يجري في هذا النوع أيضًا، بل هو أخص فيه مما تقدم، وذلك بأن تنظر نسبة سهام أخذ العوض من بقية سهم لفريضة، فتعلم أنها نسبة ثمن ما أخذ من بقية التركة.
وبيانه في الأمثلة المتقدمة: أن نسبة سهم الأخت للأب في المسألة الأولى من بقية سهام الفريضة، وهي خمسة، نسبة الخمس، فيكون ثمن الثوب خمس بقية التركة وذلك سنة؛ ونسبة سهم الأب في المسألة الثانية من بقية سهامها نسبة الخمس أيضًا، فيكون ثمن الخاتم والدينار الذي أخذه معه خمس بقية التركة، وذلك أربعة، فإذا أفرد منها الدينار بقي ثمن الخاتم ثلاثة؛ ونسبة سهم الأم في المسألة الثالثة من بقية سهامها نسبة الخمس أيضًا، فتكون حصتها خمس بقية التركة بعدما أخذته، وذلك ستون دينارًا فخمسة اثنا عشر دينارًا، فإذا أضفت إليه العشرة التي دفعتها مع حصتها في مقابلة الدار، كانت الجملة اثنين وعشرين دينارًا، فهي ثمن الدار.
هذا تمام الفصل وهو عظيم الفائدة، وكأنه ثمرة الحساب في الفرائض ونتيجته، فإن المفتي قد يصحح الفريضة من الأعداد الكثيرة، والتركة مقدار نزر، فكيف يفيد كلامه إلا ببيان طريق القسمة، ولذلك جعلناه خاتمة الفرائض. وقد نجزت بنجازه.

.كتاب الجامع:

قال القاضي أبو بكر: هذا كتاب اخترعه مالك رضي الله عنه في التصنيف، لفائدتين:
إحداهما: أنه خارج عن رسم التكليف المتعلق بالأحكام التي صنفها أبوابًا ورتبها.
والأخرى: أنه، رضي الله عنه، لما لحظ الشريعة وأنواعها، ورآها مقسمة إلى أمر ونهي، وإلى عادة وعبادة، وإلى معاملات وجنايات، نظمها أسلاكًا، وربط كل نوع بجنسه، وشذت عنه من الشريعة معان مفردة لم يتفق نظمها في سلك واحد، لأنها متغايرة المعاني؛ ولا أمكن أن يجعل لكل منها باباً لصغره، فجمعها أشتاتًا، وسمى نظامها كتاب الجامع.
واعلم أنها وإن كانت آحادها في أنفسها كما أشار إليه، إلا أنها يمكن ضبطها وحصرها من حيث الإضافة والنسبة. وإذا أخذت بهذا الاعتبار انحصرت في ثلاثة أجناس: ما يتعلق بالعقيدة، وما يتعلق بالأقوال، وما يتعلق بالأفعال.

.الجنس الأول ما يتعلق بالعقيدة:

ويتعين على المكلف أن يكون على عقيدة صحيحة في التوحيد، وفي صفات الله عز وجل وتعالى وتقدس، وتصديق رسله صلوات الله عليهم، فيؤمن بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه، ولا نظير له في صفة من صفات إلهيته، ولا قسيم له في أفعاله، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، وأن جميع ما جاء به من حق وجميع ما أخبر عنه وبه صدق.
وأما القيام بدفع شبه المبتدعة فلا يتعرض له إلا من طالع علوم الشريعة وحفظ الكثير منها، وفهم مقاصدها وأحكامها، وأخذ ذلك عن الأئمة وفاوضهم فيها، وراجعهم في ألفاظها وأغراضها، وبلغ درجة الإمامة في هذا العلم بصحبة إمام أو أئمة أرشدوه إلى وجه الصواب، وحذروه من الخطأ والضلال، حتى تثبت الحق في نفسه وفهمه ثبوتًا قوي به على رد شبه المخالفين، وإبطال حجج المبطلين، فيكون القيام بدفع الشبه فرض كفاية عليه وعلى أمثاله حينئذ، فأما غيرهم قال يجوز له التعرض لذلك، لأنه ربما ضعف عن رد تلك الشبهة، وتعلق بنفسه منها ما لا يقدر على إزالته، فيكون قد تسبب إلى هلكته وضلالته ونسأل الله العصمة. وكذلك القيام بالفتوى فرض كفاية أيضًا. وأما مهمات الصلاة والوضوء ففرضين عين. وكذا علم التجارة فرض على التاجر معرفته.